الأربعاء، 16 يوليو 2014

ما معنى قول النبي لوط: (..إِنِّي لَعَمَلِكُم مِّنَ الْقَالِينَ)؟


(الخط الساخن للتدبر)

الأخ (سعيد)، أحد المتابعين للخط الساخن يطلب

تفسير الآية 168 من سورة الشعراء:
(قَالَ إِنِّي لَعَمَلِكُم مِّنَ الْقَالِينَ(168))


الإجابة:

* في تفسير شبر، ص360:
((قالوا لئن لم تنته يا لوط) عن نهينا وتقبيح أمرنا (لتكونن من المخرجين) من بلدنا كأنهم كانوا يعنفون بمن يخرجونه .
(قال إني لعملكم من القالين) المبغضين .)

* وفي تفسير الميزان ج15، ص158:
(قوله تعالى: "قالوا لئن لم تنته يا لوط لتكونن من المخرجين" أي المبعدين المنفيين من قريتنا كما نقل عنهم في موضع آخر: "أخرجوا آل لوط من قريتكم".
قوله تعالى: "قال إني لعملكم من القالين" المراد بعملهم - على ما يعطيه السياق - إتيان الذكران و ترك الإناث. و القالي المبغض، و مقابلة تهديدهم بالنفي بمثل هذا الكلام من غير تعرض للجواب عن تهديدهم يفيد من المعنى أني لا أخاف الخروج من قريتكم و لا أكترث به بل مبغض لعملكم راغب في النجاة من وباله النازل بكم لا محالة، و لذا أتبعه بقوله: "رب نجني و أهلي مما يعملون".)

*ورد في (التبيان في تفسير القرآن) ج8،ص50:
(فقال له قومه في جوابه "لئن لم تنته" وترجع عما تقوله "يا لوط" وتدعونا إليه وتنهانا عنه "لتكونن من المخرجين" أي نخرجك من بيننا وعن بلدنا.
فقال لهم لوط عند ذلك "إني لعملكم من القالين" يعني من المبغضين: قلاه يقليه إذا أبغضه.)

ويذكر صاحب تفسير الأمثل بعض الالتفاتات اللطيفة في الآيات حيث يقول في ج11، ص442:
(إن فعل هؤلاء الضالّين ـ بلغ بهم أن يعدوا التقوى والتطهر بينهم أكبر عيب، وأن يفخروا بالرجس وعدم الطهارة، وهذه هي العاقبة المشؤومة للمجتمع المسرع نحو الفساد!
ويستفاد من عبارة (لتكونن من المخرجين) أنّ هذه الجماعة الفاسدة كانوا قد أخرجوا اُناساً طاهرين من حيّهم فهدّدوا لوطاً بهذا الأمر أيضاً، وهو أنه إذا لم تنته فستنال ما ناله سواك من الإبعاد والإخراج...
وقد صُرّح في بعض التفاسير أنّهم كانوا يُخرجون المتطهرين من القرية بأسوأ الحال(1)...
إلاّ أنّ لوطاً لم يكترث بتهديدهم، وواصل نصحه لهم و (قال إنّي لعملكم من القالين).
إنّه يريد أن يقول: سأواصل انتقادي إيّاكم... فافعلوا ما شئتم... فأنا لا أترك مواجهة هذه الأعمال القبيحة بالاعتراض والنقد!...
والتعبير بـ «من القالين» يدلُّ أيضاً على أن جماعة كانوا مثل النّبي لوط يرفضون هذه الأعمال ويعترضون عليها... رغم أن المنحرفين أخرجوهم من قريتهم آخر الأمر.
كلمة «القالِين» جمع «قال» من مادة (قَلَى) أو (قَلِيَ) «على وزنيْ حَلَقَ وشَرِكَ» ومعناها العداوة الشديدة التي تترك أثرها في قلب الإنسان، وهذا التعبير يكشف عن شدّة تنفّر لوط من أعمالهم...
والذي يسترعي النظر أن لوطاً يقول: إنّي لعملكم من القالين. أي إنّني لا أعاديكم بأشخاصكم، بل أعادي أعمالكم المخزية، فلو ابتعدتم عن هذا العمل الشنيع فأنا محبّ لكم وغير قال لكم.
وأخيراً لم تؤثر مواعظ لوط ونصائحه في قومه، فبدّل الفساد مجتمعهم كلّه إلى مستنقع عفن... وتمّت الحجة عليهم بمقدار كاف، وبلغت رسالة لوط مرحلتها النهائية... فعليه أن يغادر هذه المنطقة العفنة، وأن ينجّي من معه ممن استجاب دعوته، لينزل عذاب الله على القوم الفاسقين فيهلكهم، فسأل لوط ربّه أن يخلّصه من قومه، فقال: (رب نجني وأهلي ممّا كانوا يعملون).)

ودمتم بخير.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق