الاثنين، 14 يوليو 2014

ما معنى (تمت كلمة ربك صدقاً وعدلاً)؟


سأل أحد المتابعين

ما معنى كلمة ربك صدقا الآية 115 سورة اﻷنعام

﴿وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ(115)﴾. [سورة الأنعام]


الإجابة

يذكر تفسير الأمثل ج4، ص437:
الآية التّالية تقول: (وتمّت كلمة ربّك صدقاً وعدلا لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم).
«الكلمة» بمعنى القول، وتطلق على كل جملة وكل كلام مطولا كان أم موجزاً، وقد تطلق على الوعد، كما في الآية: (وتمّت كلمة ربّك على بني إِسرائيل بما صبروا)، لأنّ الشخص عندما يعد يتلفظ ببعض الكلمات المتضمنة لمفهوم الوعد.
وقد تأتي بمعنى الدين والحكم والأمر للسبب نفسه.
أمّا بالنسبة لاستعمالها في هذه الآية فقيل إِنّها تعني القرآن، وقيل إِنّها دين الله، وقيل: وعد النصر الذي وعد الله نبيّه(صلى الله عليه وآله وسلم). وليس بين هذه تعارض، فقد تكون الآية أرادت هذه المعاني جميعاً، ولأنّ الآيات السابقة كانت تشير إِلى القرآن، فتفسير الكلمة بالقرآن أقرب.
فيكون معنى الآية إِذن: إِنّ القرآن ليس موضع شك بأيّ شكل من الأشكال، فهو كامل من جميع الجهات ولا عيب فيه، وكل أخباره وما فيه من تواريخ صدق)

ويقول صاحب الميزان ج7،ص328:
(فظاهر سياق الآيات فيما نحن فيه يعطى أن يكون المراد بقوله: (وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا)  كلمة الدعوة الإسلامية وما يلازمها من نبوة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)  ونزول القرآن المهيمن على ما تقدم عليه من الكتب السماوية المشتمل على جوامع المعارف الإلهية وكليات الشرائع الدينية كما أشار إليه فيما حكى من دعاء إبراهيم (عليه السلام)  عند بناء الكعبة: (ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلوا عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم)  (البقرة: 129)).

ويوافق ذلك ما ذكره صاحب (الكلمة في القرآن) ص26:
(قال تعالى: (وتمت كلمة ربّك صدقاً وعدلاً لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم) الأنعام: 115.
هناك ميل عام إلى أن (كلمة ربّك) هنا هي الدعوة الإسلامية.)

ثم يضيف:
((لا مبدِّل لكلماته...).
يذهب الكثيرون إلى أن المعنى: لا مُغيّر لأحكامه!! وهذا التفسير بارد جداً.
إن هذا المقطع يتصل بعملية الإتمام الذي بدأت به الآية الشريفة، ومفاده البعيد انتفاء البديل أو انتفاء النص الصادق والعادل في قبال الدعوة الإسلامية العزيزة (34)، فالإسلام هو الدين الذي استوعب العقيدة والشريعة والأخلاق على أتم مستوى من الطرح، وهو الدين المفتوح لاستيعاب كل طاقة، وبهذا ينتفي الدين البديل، فالكلمة هي الإسلام بعنوانه العريض، والكلمات هي تفاصيل هذا الدين الخاتم، واكبر شاهدٍ على كون المقصود هو انتفاء البديل الآية التي تليها، إذ يقول تعالى (وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون) الأنعام: 116، كما أن الآية السابقة عليها تلقي بأسبابها إلى هذا المعنى الجذري، ففي الآية الأنعام 114 يقول تعالى (أفغير الله أبتغي حكماً وهو الذي انزل إليكم الكتاب مفصلاً والذين آتيناهم الكتاب يعلمون أنّه منزل من ربّك بالحق فلا تكونن من الممترين)، وعليه فإن قوله تعالى (لا مبدِّل لكلماته)، ينصرف إلى استحالة النص الصادق العادل بعد النص الإسلامي، وليس المعنى تبديل الأحكام بالمعنى الشائع الساذج، فان التحذير من طاعة الآخر بعد توفر النص الصادق والعادل إنما هو تحذير من اختيار النص البديل باعتبار انه ليس تحويلاً ولا كفوءاً بأي حال من الأحوال، وابتغاء غير الله بعد تفصيل الكتاب هو ارتماء في أحضان نصٍ غامض، مبهم، متناقضٍ، ينطوي على شيء من الباطل أو هو الباطل برمته.)

ودمتم بخير.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق