الاثنين، 14 يوليو 2014

إذا كان كل الأمم فيها نذير، فماذا عمن لم ينذر آباؤهم؟

سؤال من أحد المتابعين:

بسم الله الرحمن الرحيم { إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا وإن من أمة إلا خلا فيها نذير } سورة فاطر . { لتنذر قوما ما أتاهم من نذير من قبلك لعلهم يتذكرون } سورة القصص. {لتنذر قوما ما أتاهم من نذير من قبلك لعلهم يهتدون } سورة السجدة. { لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم فهم غافلون } سورة يس . في البدء أقد شكري وامتناني س/ في ظاهر الآيات اختلاف وتعارض وحاشى أن يكون في القرآن شيء من ذلك .. ولكن ما هو تفسير هذا ؟ فالاية الثانية والثالثة والرابعة تخالف الاولى في الظاهر

الإجابة: 
ذكر صاحب تفسير التبيان في تفسير القرآن، ج8، ص281:
(وقوله " لتنذر قوما ما أتاهم من نذير من قبلك " لا ينافي قوله " وإن من أمة إلا خلا فيها نذير "(1) لان الحسن، قال: المعنى وإن من امة أهلكت بالعذاب إلا من بعد أن جاء هم نذير ينذرهم بما حل بهم. وهذا خطاب للنبي صلى الله عليه واله يقول الله تعالى له " لتنذر " أي لتخوف يا محمد " قوما " لم يأتهم مخوف قبلك، يعني أهل الفترة من العرب، فكانوا كأنهم في غفلة عما لزمهم من حق نعم الله وما خلقهم له من العبادة. وقد كان إسماعيل عليه السلام نذيرا لمن أرسل اليه).

بينما يقول صاحب تفسير الأمثل ج12،ص243:
(المقصود من ذلك هو إرسال رسول يحمل إلى قومه كتاباً سماويّاً بيّناً.. لأنّ بين عصر عيسى(عليه السلام) وظهور نبي الإسلام(صلى الله عليه وآله) قروناً مديدة، ولم يأت بين عيسى والنبيّ محمّد(صلى الله عليه وآله وسلم) نبيّ من أولي العزم)
ويضيف في ج13،ص93 :
(إنّ معنى جملة: (وإنّ من اُمّة إلاّ خلا فيها نذير) هو أنّ كلّ اُمّة كان لها نذير، إلاّ أنّه لا يلزم حضوره بنفسه في كلّ مكان، بل يكفي أن يصل صوت دعوة أنبياء الله العظام بواسطة أوصيائهم إلى أسماع كلّ البشر في العالم.
وهذا يشبه قولنا: إنّ كلّ اُمّة كان لها نبي من اُولي العزم، ولها كتاب سماوي، فمعنى هذا الكلام أنّ صوت هذا النّبي وكتابه السماوي قد وصل عن طريق وكلائه وأوصيائه لكلّ تلك الاُمّة على طول التاريخ).
ويقول في ج14،ص131:
(إنّ المقصود من الآية ـ مورد البحث ـ هو المنذر الظاهر والنّبي العظيم الذي ملأ صيته الآفاق، وإلاّ فإنّ الأرض لم تخلُ يوماً من حجّة لله على عباده، وإذا نظرنا إلى الفترة من عصر المسيح (عليه السلام) إلى قيام الرّسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) نجدها لم تخل من الحجّة الإلهية، بل إنّها فترة من قيام اُولي العزم، يقول أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام بهذا الخصوص «إنّ الله بعث محمّداً (صلى الله عليه وآله وسلم) وليس أحد من العرب يقرأ كتاباً ولا يدّعي نبوّة!»)

وقريب منه قول صاحب الميزان حول (لتنذر قوماً ما أتاهم من نذير من قبلك) ج16،ص128:
(المراد به أهل الفترة بين عيسى و محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) فكانوا كأنهم في غفلة عما لزمهم من حق نعم الله و ما خلقهم له من العبادة و فيه أن معنى الفترة هو عدم انبعاث نبي له شريعة و كتاب و أما الفترة عن مطلق النبوة فلا نسلم تحققها و خلو جميع الزمان و هو قريب من ستة قرون من النبي مطلقا.)

أما صاحب تفسير شبر ص374، فيقول:
((رحمة من ربك لتنذر قوما ما أتاهم من نذير من قبلك) رسول وشريعة وإن كان عليهم أنبياء وأوصياء حافظون لشرع الرسول السابق ظاهرون أو مستترون لامتناع خلو الزمان من حجة (لعلهم يتذكرون) يتعظون .)، ويضيف في ص394: ((أم يقولون افتراه بل هو الحق من ربك لتنذر قوما ما أتاهم من نذير من قبلك) رسول بشريعة ولا يدل على نفي وجود حجة لعدم خلو الزمان منه (لعلهم يهتدون) بإنذارك).

بينما يمكننا الإجابة عن ذلك بطريق أسهل، وهو: 
أن كل أمة لا يخلو فيها نذير، أما أمتك التي لم ينذر آباؤهم برسول من أولي العزم منذ النبي عيسى، فلكيلا يخلو فيها نذير أرسلناك نذيراً لهم.


ودمتم بخير.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق