الخميس، 17 يوليو 2014

ما معنى (وَخَرقوا لَهُ بَنينَ وَبَناتٍ)؟


(الخط الساخن للتدبر)

إحدى المتابعات تسأل:

سورة الأنعام آية 100: (وخرقوا له بنين وبنات بغير علم) ما المقصود بـ( وخرقوا) ؟ 

الإجابة:
الآية الكريمة: (وَجَعلوا للّهِ شُركاء الجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرقوا لَهُ بَنينَ وَبَناتٍ بِغير عِلمٍ سُبحانهُ وَتَعالى عَمّا يَصِفُون)

*ورد في كتاب (التبيان في تفسير القرآن)ج4، ص218:
(قال أبو عبيدة " وخرقوا له بنين وبنات " أي جعلوا له وأشركوه. يقال: خرق واخترق واختلق بمعنى، إذا افتعل وافترا وكذب)
ويضيف ص219:
(وقوله " وخرقوا له بنين وبنات " معناه تخرصوا، وهو قول ابن عباس ومجاهد وقتادة والسدي وابن زيد وغيرهم، فيتلخص الكلام أن هؤلاء الكفار جعلوا لله الجن شركاء في عبادتهم إياه مع انه المتفرد بخلقهم بغير شريك ولامعين ولاظهير " وخرقوا له بنين وبنات " معناه تخرصوا له كذبا بنين وبنات " بغير علم " أي بغير حجة...)

*وفي كتاب (القرآن الكريم وروايات المدرستين)ص68:
(أمّا البنون الّذين خرقوا فقد أخبر اللّه عنه في قوله تعالى:
(وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ...)
(التّوبة / 30)
وكانت اليهود يومذاك تزعم انّ عزيراً ابن اللّه وكانت النصارى ولا زالت تقول بأنّ المسيح عيسى بن مريم(ع): ابن اللّه.
أمّا البنات، فقد أخبر اللّه عن عقيدتهم في قوله تعالى:
(وَيَجْعَلُونَ للّهِ ِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ...) (النَّحل / 57)
وقوله تعالى:
(فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ * أَمْ خَلَقْنَا الْمَلائِكَةَ إِنَاثَاً وَهُمْ شَاهِدُونَ.....)

*ويقول صاحب الأمثل، ج4، ص407:
(هذه الآيات تشير إِلى جانب من العقائد السقيمة والخرافات التي يؤمن بها المشركون وأصحاب المذاهب الباطلة، وترد عليهم بالمنطق.
فأوّلا: قالوا: إِنّ لله شركاء من الجن (وجعلوا لله شركاء الجن).
فيما يتعلق بالجن، هل المقصود بهم هو المعنى اللغوي الذي يفيد كل كائن غير مرئي ومخفي عن حس الإِنسان، أم هم طائفة الجن التي يرد ذكرها مراراً في القرآن والتي سنشير إِليها قريباً؟ للمفسرين في هذا احتمالان. على الاحتمال الأوّل قد تكون الآية إِشارة إِلى الذين كانوا يعبدون الملائكة أو مخلوقات غير مرئية.
وعلى الاحتمال الثّاني قد تكون الإِشارة إِلى الذين كانوا يعتبرون الجن شركاء لله أو زوجات له.
يقول الكلبي في كتاب «الأصنام»: إِنّ إِحدى الطوائف العربية، وتدعي «بنو مليح» وهي إِحدى أفخاذ قبيلة «خزاعة» كانت تعبد الجن، كما يقال إِنّ عبادة الجن والاعتقاد بألوهيتها كانت منتشرة بين مذاهب اليونان الخرافية وفي الهند.
ويستدل من الآية (158) من سورة الصافات: (وجعلوا بينه وبين الجنّة نسباً)على أنّه كان بين العرب من يرى بين الله والجن نسباً وقرابة، ويذكر بعض المفسّرين أنّ قريشاً كانت تعتقد أنّ الله قد تزوج الجن، فكان الملائكة ثمرة ذلك الزواج(3).
فينكر الإِسلام عليهم ذلك، إِذ كيف يمكن ذلك وهو الذي خلق الجن: (وخلقهم) أي كيف يمكن أن يكون المخلوق شريكاً للخالق، لأنّ الشركة دليل التماثل والتساوي، مع أنّ المخلوق لا يمكن أن يكون في مصاف خالقه أبداً!
الخرافة الأُخرى هي قولهم جهلا ـ إِنّ لله بنين وبنات: (وخرقوا له بنين وبنات بغير علم).
أفضل دليل على أنّ هذه العقائد ليست سوى خرافة، هو أنّها تصدر عنهم (بغير علم) أي أنّهم لا يملكون أي دليل على هذه الأوهام.
من الملاحظ أنّ القرآن استعمل لفظة «خرقوا» من الخرق، وهو تمزيق الشيء بغير روية ولا حساب، وهي في النقطة المقابلة تماماً «للخلق» القائم على الحساب، هاتان اللفظتان: «الخلق والخرق» قد تستعملان في حالات الكذب والاختلاق، مع اختلاف بينهما هو أن (الخلق والاختلاق) تستعمل في الأكاذيب المدروسة و(الخرق والاختراق) فيما لا حساب فيه من الكذب.
أي أنّهم اختلقوا تلك الأكاذيب دون أن يدرسوا جوانب الموضوع وبدون أن يعدوا له ما يلزم من الأُمور.)

*أما صاحب الميزان فيشير في ج7، ص290:
(قوله تعالى: (وجعلوا لله شركاء الجن وخلقهم)  إلى آخر الآية.
الجن إما مفعول لجعلوا ومفعوله الآخر شركاء أو بدل من شركاء،  وقوله: (وخلقهم)  كأنه حال وإن منعه بعض النحاة وحجتهم غير واضحة.
وكيف كان فالكلمة في مقام ردهم،  والمعنى وجعلوا له شركاء الجن وهو خلقهم والمخلوق لا يجوز أن يشارك خالقه في مقامه.
والمراد بالجن الشياطين كما ينسب إلى المجوس القول: بأهرمن ويزدان.
ونظيره ما عليه اليزيدية الذين يقولون بالوهية إبليس (الملك طاوس - شاه بريان)  أو الجن المعروف بناء على ما نسب إلى قريش أنهم كانوا يقولون: إن الله قد صاهر الجن فحدث بينهما الملائكة،  وهذا أنسب بسياق قوله: (وجعلوا لله شركاء الجن وخلقهم وخرقوا له بنين وبنات بغير علم)  وعلى هذا فالبنون والبنات هم جميعا من الملائكة خرقوهم أي اختلقوهم ونسبوهم إليه افتراء عليه سبحانه وتعالى عما يشركون.
ولو كان المراد من هو أعم من الملائكة لم يبعد أن يكون المراد بهم ما يوجد في سائر الملل غير الإسلام فالبرهمنية والبوذية يقولون بنظير ما قالته النصارى من بنوة المسيح).


ودمتم بخير.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق