الثلاثاء، 22 يوليو 2014

معنى (وما كنتَ بجانب الغربي)؟

الأخت (سكينة) إحدى متابعات الخط الساخن تسأل عن تفسير:

وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الْأَمْرَ وَمَا كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ (44) وَلَكِنَّا أَنْشَأْنَا قُرُونًا فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ وَمَا كُنْتَ ثَاوِيًا فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ (45)

الإجابة:

*يوضح تفسير الأمثل في ج12،ص242:
(يبيّن القرآن الكريم هذه الحقيقة، وهي أنّ ما ذكرناه لك «يا رسول الله، في شأن موسى وفرعون وما جرى بينهما بدقائقه، هو في نفسه دليل على حقانيّة القرآن، لأنّك لم تكن «حاضراً» في هذه «الميادين» التي كان يواجه موسى فيها فرعون وقومه! ولم تشهدها بعينيك.. بل هو من ألطاف الله عليك، إذ أنزل عليك هذه الآيات لهداية الناس.. يقول القرآن: (وما كنت بجانب الغربي إذ قضينا إلى موسى الأمر) أي الأمر بالنبوّة (وما كنت من الشاهدين).
الذي يجلب الانتباه ويستلفت النظر هنا أنّ موسى(عليه السلام) حين سار من مدين إلى مصر مرّ في طريق سيناء، وكان بهذا الاتجاه يسير من الشرق نحو الغرب. وعلى العكس من ذلك مسير بني إسرائيل حين جاءوا من مصر إلى الشام ومرّوا عن طريق سيناء، فإنّهم يتجهون بمسيرهم من الغرب نحو الشرق.. ولذلك يرى بعض المفسّرين أنّ المراد من الآية «60» (فاتبعوهم مشرقين) في سورة الشعراء التي تتحدث عن متابعة فرعون وقومه لبني إسرائيل، هو إشارة إلى هذا المعنى!
ثمّ يضيف القرآن (ولكنّا أنشأنا قروناً فتطاول عليهم العمر) وتقادم الزمان حتى اندرست آثار الأنبياء وهدايتهم في قلوب الناس، لذلك أنزلنا عليك القرآن وبيّنا فيه قصص الماضين ليكون نوراً وهدى للناس.
ثمّ يضيف القرآن الكريم (وما كنت ثاوياً في أهل مدين تتلوا عليهم [أي على أهل مكّة] آياتنا ولكنا كنا مرسلين).. وأوحينا إليك هذه ا لأخبار الدقيقة التي تتحدث عن آلاف السنين الماضية.. لتكون عبرة للناس وموعظة للمتقين.
وتأكيداً على ما سبق بيانه يضيف القرآن الكريم قائلا: (وما كنت بجانب الطور إذ نادينا) أي نادينا موسى بأمر النبوّة، ولكننا أنزلنا إليك بهذه الأخبار رحمة من الله عليك (ولكن رحمةً من ربك لتنذر قوماً ما أتاهم من نذير من قبلك لعلهم يتذكرون).
وخلاصة الكلام: أنّ الله أخبرك يا محمّد بالحوادث التي فيها إيقاظ وإنذار لما جرى في الأقوام السابقين، ولم تكن فيهم من الشاهدين، لتتلو كل ذلك على قومك الذين هم على ضلال لعلهم يهتدون ولعلهم يتذكرون.).
  
أما تفسير الميزان ج16، 25 فيقول:
(قوله تعالى: "و ما كنت بجانب الغربي إذ قضينا إلى موسى الأمر و ما كنت من الشاهدين" الخطاب للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، و الغربي صفة محذوفة الموصوف و المراد جانب الوادي الغربي أو جانب الجبل الغربي.
و قوله: "إذ قضينا إلى موسى الأمر" كان القضاء مضمن معنى العهد، و المراد بعهد الأمر إليه - على ما قيل - أحكام أمر نبوته بإنزال التوراة إليه و أما العهد إليه بأصل الرسالة فيدل عليه قوله بعد: "و ما كنت بجانب الطور إذ نادينا" و قوله: "و ما كنت من الشاهدين" تأكيد لسابقه.
و المعنى: و ما كنت حاضرا و شاهدا حين أنزلنا التوراة على موسى في الجانب الغربي من الوادي أو الجبل.
قوله تعالى: "و لكنا أنشأنا قرونا فتطاول عليهم العمر" تطاول العمر تمادي الأمد و الجملة استدراك عن النفي في قوله: "و ما كنت بجانب الغربي"، و المعنى: ما كنت حاضرا هناك شاهدا لما جرى فيه و لكنا أوجدنا أجيالا بعده فتمادى بهم الأمد ثم أنزلنا عليك قصته و خبر نزول الكتاب عليه ففي الكلام إيجاز بالحذف لدلالة المقام عليه.
قوله تعالى: "و ما كنت ثاويا في أهل مدين تتلوا عليهم آياتنا و لكنا كنا مرسلين" الثاوي المقيم يقال: ثوى في المكان إذا أقام فيه، و الضمير في "عليهم" لمشركي مكة الذين كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يتلو عليهم آيات الله التي تقص ما جرى على موسى (عليه السلام) في مدين زمن كونه فيه.
و قوله: "و لكنا كنا مرسلين" استدراك من النفي في صدر الآية.
و المعنى: و ما كنت مقيما في أهل مدين - و هم شعيب و قومه - مشاهدا لما جرى على موسى هناك تتلو على المشركين آياتنا القاصة لخبره هناك و لكنا كنا مرسلين لك إلى قومك موحين بهذه الآيات إليك لتتلوها عليهم.)

 من ناحية أخرى يذكر تفسير شبر ص374:
((وما كنت بجانب الغربي) بجانب المكان أو الجبل أو الوادي الغربي من موسى (إذ قضينا) حين أوحينا (إلى موسى الأمر) أي رسالته وشريعته أي لم تحضر مكان أمرنا إليه (وما كنت من الشاهدين) للوحي إليه .
(ولكنا أنشأنا قرونا) مما بعد موسى (فتطاول عليهم العمر) أمد انقطاع الوحي فاندرست الشرائع فأوحينا إليك خبر موسى وغيره (وما كنت ثاويا) مقيما (في أهل مدين) شعيب ومن آمن به (تتلوا) تقرأ (عليهم آياتنا) المتضمنة لقصتهم (ولكنا كنا مرسلين) لك .)

ودمتم بخير.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق