الأربعاء، 16 يوليو 2014

ما تفسير "وإنا لجاعلون ما عليها صعيداً جُزُرا"؟

(الخط الساخن للتدبر)

الأخت (وفاء)، إحدى المتابعات للخط الساخن تسأل:

ما تفسير قوله "وإنا لجاعلون ما عليها صعيداً جُزُرا" سورة الكهف آية ٨

الإجابة:

*ورد في (التبيان في تفسير القرآن) ج7،ص7:
(قوله تعالى "وإنما لجاعلون ما عليها صعيداً جرزا" فيه اخبار من الله تعالى انا مخربوها بعد عمارتنا إياها بما جعلنا عليها من الزينة فنصيرها صعيدا جرزا، والصعيد ظهر الأرض، والجرز الذي لا نبات عليه ولا زرع ولا غرس.
وقيل انه أراد بالصعيد - هاهنا - المستوي من وجه الأرض.
وقال ابن عباس: معناه نهلك كل شيء عليها زينة.
وقال مجاهد: " جرزا " أي بلقعا.
وقال قتادة: هو مالا شجر فيه ولا نبات.
وقال ابن زيد: الجرز الأرض التي ليس فيها شيء، بدلالة قوله " أو لم يروا أنا نسوق الماء إلى الأرض الجرز فنخرج به زرعا " يعنى الأرض التي ليس فيها شيء من النبات)

*أما تفسير الأمثل فيقول في ج9، ص199:
(يبيّن تعالى أنَّ أشياء الحياة الدنيا ليست ثابتة ولا دائمة، بل مصيرها إِلى المحوِ والزوال: (وإنّا لجاعلون ما عليها صعيداً جرزاً).
«صعيد» مُشتقّة مِن «صعود» وهي هُنا تعني وجه الأرض، الوجه الذي يتّضح فيه التراب.
و«جرز» تعني الأرض التي لا ينبت فيها الكلأ وكأنّما هي تأكل نباتها، وبعبارة أُخرى فإِنّ «جرز» تطلق على الأرض الموات بسبب الجفاف وقلّة المطر.
إِنَّ المنظر الذي نشاهدهُ في الربيع في الصحاري والجبال عندما تبتسم الورود وتتفتح النباتات، وحيثُ تتناجى الأوراق، وحيثُ خرير الماء في الجداول... إِنَّ هذه الحالة سوف لا تدوم ولا تبقى، إِذ لا بدَّ أن يأتي الخريف، حيث تتعرى الأغصان وتنطفئ البسمة مِن شفاه الورود، وتذبل البراعم، وتجف الجداول، وتموت الأوراق، وتسكت فيها نغمة الحياة.
حياة الإِنسان المادية تشبه هذا التحوُّل، فلا بدُّ أن يأتي ذلك اليوم الذي يضع نهاية للقصور التي تُناطح السماء، ولملابس الباذخة والنعم الكثيرة التي يَرفُل بها الإِنسان، كذلك تنتهي المناصب والمواقع والاعتبارات، وسوف لن يبقى شيء من المجتمعات البشرية سوى القبور الساكنة اليابسة، وهذا درسٌ عظيم.)

*وفي تفسير القمي، ج2، ص31:
((....وإنا لجاعلون ما عليها صعيدا جرزا) يعني خرابا وفي رواية أبي الجارود في قوله تعالى صعيدا جرزا أي لا نبات فيها.)

*بينما يرى تفسير الميزان ج13، ص128:
(فإذا انقضى الأجل الذي أجله الله تعالى لمكثهم في الأرض بتحقق ما أراده من البلاء و الامتحان سلب الله ما بينهم و بين ما على الأرض من التعلق و محى ما له من الجمال و الزينة و صار كالصعيد الجرز الذي لا نبت فيه و لا نضارة عليه و نودي فيهم بالرحيل و هم فرادى كما خلقهم الله تعالى أول مرة. و هذه سنة الله تعالى في خلق الإنسان و إسكانه الأرض و تزيينه ما عليها له ليمتحنه بذلك و يتميز به أهل السعادة من غيرهم فيأتي سبحانه بالجيل بعد الجيل و الفرد بعد الفرد فيزين له ما على وجه الأرض من أمتعة الحياة ثم يخليه و اختياره ليختبرهم بذلك ثم إذا تم الاختبار قطع ما بينه و بين زخارف الدنيا المزينة و نقله من دار العمل إلى دار الجزاء)
ويلخص رؤيته بقوله ص129:
(و قد ظهر بما تقدم أن قوله: "و إنا لجاعلون ما عليها صعيدا جرزا" من الاستعارة بالكناية، و المراد به قطع رابطة التعلق بين الإنسان و بين أمتعة الحياة الدنيا مما على الأرض.
و ربما قيل: إن المراد به حقيقة معنى الصعيد الجرز، و المعنى أنا سنعيد ما على الأرض من زينة ترابا مستويا بالأرض، و نجعله صعيدا أملس لا نبات فيه و لا شيء عليه.)


ودمتم بخير.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق